ب - هذا هو حبيب النجار لم يكن له شأن سوى أنه صدق المرسلين ولقي من قومه أذى شديدا حتى قضى نحبه شهيدا. فنرى أنه بعد موته خوطب بقوله سبحانه: {قيل ادخل الجنة} ثم إنه بعد دخوله الجنة يتمنى عرفان قومه مقامه ومصيره بعد الموت فيقول: {قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} (1) فهو يتمنى في ذلك الحال لو أن قومه الموجودين في الدنيا علموا أن الله سبحانه غفر له وجعله من المكرمين، يتمنى ذلك لأجل أن يرغب قومه في مثل ثوابه وليؤمنوا لينالوا ذلك.
ومن المعلوم أن الجنة التي حل فيها حبيب النجار كانت قبل يوم القيامة، بشهادة أنه تمنى عرفان أهله مقامه وإكرام الله له وهم على قيد الحياة الدنيوية، وإن لحقهم العذاب بعد ذلك، قال: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} (2) فإذا كان الشهداء والصالحون - أمثال حبيب النجار المصدق للرسل - أحياء يرزقون فما ظنك بالأنبياء والصديقين المتقدمين على الشهداء، قال سبحانه: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} (3) فلو كان الشهيد حيا يرزق فالرسول الأكرم الذي ربى الشهداء واستوجب لهم تلك المنزلة العليا، أولى بالحياة بعد الوفاة وبعدهم الصديقون.
ج - دلت الآيات الكريمة والبراهين العقلية على أن الموت ليس فناء الإنسان ونفاده، وإنما هو انتقال من عالم إلى آخر، نعم الماديون المنكرون لعالم الأرواح،