أبناء يعقوب بعدما كشف أمرهم وبان ظلمهم توسلوا بدعاء أبيهم النبي وقالوا له:
{يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} (1).
ففي هذه الآيات دلالة واضحة على أن رحمة الله الواسعة تارة تنزل على العبد مباشرة وبدون واسطة، وأخرى تنزل عن طريق أفضل خلائقه وأشرف رسله، بل مطلق رسله وسفرائه.
وفي ذلك دلالة على وهن ما يلوكه بعض أشداق الناس فيقولون: إنه سبحانه أعرف بحال عبده وأقرب إليه من حبل الوريد يراه ويسمع دعاءه، فلا حاجة لتوسط سبب والتوسل بمخلوق و... هذه الكلمات تصدر عمن ليس له إلمام بالقرآن الكريم ولا بالسنة النبوية ولا بسيرة السلف الصالح، إذ ليس الكلام في علمه سبحانه، بل الكلام في أمر آخر وهو أن دعاء الإنسان الظالم لنفسه ربما لا يكون صاعدا إلى الله تبارك وتعالى ومقبولا عنده، ولكنه إذا ضم إليه دعاء الرسول أصبح دعاؤه مستجابا وصاعدا إليه سبحانه.
وللشيخ محمد الفقي - من علماء الأزهر الشريف - كلام في المقام نأتي بملخصه.
لقد شرف الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) بأسمى آيات التشريف، وكرمه بأكمل وأعلى آيات التكريم، فأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وتوجه بأعظم أنواع التيجان قدرا وذكرا، وأرفع الأكاليل شأنا وخطرا. فذكر منزلته منه جل شأنه حيا وميتا في قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (2) فأي تشريف أرفع وأعظم من صلاته سبحانه وتعالى هو وملائكته عليه (صلى الله عليه وآله)؟ وأي تكريم أسمى بعد ذلك من دعوة عباده وأمره لهم بالصلاة