يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (1)، وهذه هي الضابطة الأصلية في حياة الإنسان عاجلا وآجلا، وليس لأحد رفضها والاعتماد على غيرها، ولكن هذا لا ينافي جواز أن يهدي العامل ثواب عمله إلى غيره ويسعد الغير به، فهو خارج عن مفاد الآية إيجابا وسلبا.
وهذا مثل قول الوالد لولده: إنما تنتفع بتجارتك وسعيك، وإن سعي كل إنسان له نفسه لا للغير، وهذا لا ينافي أن ينتفع هذا الولد بعمل غيره إذا أهدى إليه ذلك الغير شيئا من الطعام والفواكه والألبسة بنيات مختلفة، فليس للولد حينئذ أن يعترض على والده ويقول: إنك قلت إنك تنتفع بسعيك مع أنني انتفعت بسعي الغير، إذ للوالد أن يقول: إن كلامي في نفس العمل الصادر منك ومن غيرك، فكل يملك عمل نفسه ولا يتجاوزه، ولكن كلامي هذا ليس ناظرا إلى ما لو وهب أحد حصيلة سعيه إليك بطيبة نفسه.
وكيف يمكن أن نقول بما يقوله هذا الوهابي ونظراؤه وقد تضافرت الآيات والأحاديث - كما مر عليك بعضها - بانتفاع الإنسان بعمل الغير في ظروف معينة، وتحت شرائط خاصة وإن لم يكن له أدنى سعي فيها.
هذه الآية تشير إلى نكتة وهي: أنه يجب على الإنسان الاعتماد على السعي والعمل لا على الحسب والنسب، وإلا يكون المسلم مثل اليهود الذين كانوا يتمنون تمني الحمقى إذ كانوا يعتمدون على صلتهم وانتمائهم إلى الأنبياء بقولهم: {نحن أبناء الله وأحباؤه} (2) أو قولهم: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (3).