عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكا لهذه الأعضاء وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية.
وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح.
قال ابن قيم الجوزية: وهذا القول هو الصواب في المسألة، وهو الذي لا يصح غيره، وكل الأقوال سواه باطلة، وعليه دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقل والفطرة (1).
أقول: ما قاله ونقله ابن قيم، أحسن ما نقل عنهم في المقام، ولكن واقع الروح ومنزلته أرفع بكثير مما جاء في هذا الكلام، وتشبيهه بسريان الماء في الورد والدهن في الزيتون والنار في الفحم يعرب عن سطحية الدراسة في المعارف الغيبية، وعدم التفريق بين مراتب الروح، فإن مرتبة منها يشبه بما ذكر، وأما المرتبة العليا أعني المخاطب بقوله سبحانه: {يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي} (2) فهي أرفع كرامة من أن يكون شأنها شأن الأمور المادية اللطيفة، والتفصيل موكول إلى محله.