{وتعاونوا على البر والتقوى} (1).
{ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة} (2).
{وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر} (3).
ومفتاح حل التعارض بين هذين الصنفين من الآيات هو ما ذكرناه، وملخصه:
إن في الكون مؤثرا تاما، ومستقلا واحدا، غير معتمد على غيره لا في وجوده ولا في فعله وهو الله سبحانه، وأما العوامل الأخر فجميعها مفتقرة - في وجودها وفعلها - إليه وهي تؤدي ما تؤدي بإذنه ومشيئته وقدرته، ولو لم يعط سبحانه تلك العوامل ما أعطاها من القدرة ولم تجر مشيئته على الاستمداد منها لما كانت لها أية قدرة على شئ.
فالمعين الحقيقي في كل المراحل - على هذا النحو تماما - هو الله، فلا يمكن الاستعانة بأحد باعتباره معينا مستقلا. لهذه الجهة حصر هنا الاستعانة في الله وحده، ولكن هذا لا يمنع بتاتا من الاستعانة بغير الله باعتباره غير مستقل (أي باعتباره معينا بالاعتماد على القدرة الإلهية) ومعلوم أن استعانة - كهذه - لا تنافي حصر الاستعانة في الله سبحانه لسببين:
أولا: لأن الاستعانة المخصوصة بالله هي غير الاستعانة بالعوامل الأخرى، فالاستعانة المخصوصة بالله هي: ما تكون باعتقاد أنه قادر على إعانتنا بالذات، وبدون الاعتماد على غيرها، في حين أن الاستعانة بغير الله سبحانه إما هي على نحو آخر أي مع الاعتقاد بأن المستعان قادر على الإعانة مستندا على القدرة الإلهية،