فيها بغيره، فتكون الاستعانة بالقدرة الإنسانية والعوامل الطبيعية - مع أنها استعانة بغير الله - جائزة ومشروعة على وجه التخصيص، وهذا مما لا يرتضيه الموحد.
في حين أن هدف الآيات هو غير هذا تماما، فإن مجموع الآيات يدعو إلى أمر واحد وهو: عدم الاستعانة بغير الله، وأن الاستعانة بالعوامل الأخرى يجب أن تكون بنحو لا يتنافى مع حصر الاستعانة في الله، بل تكون بحيث تعد استعانة بالله لا استعانة بغيره.
وبتعبير آخر: إن الآيات تريد أن تقول: بأن المعين والناصر الوحيد والذي يستمد منه كل معين وناصر قدرته وتأثيره، ليس إلا الله سبحانه، ولكنه - مع ذلك - أقام هذا الكون على سلسلة من الأسباب والعلل التي تعمل بقدرته وأمر باستمداد الفرع من الأصل، ولذلك تكون الاستعانة به كالاستعانة بالله، ذلك لأن الاستعانة بالفرع استعانة بالأصل.
وإليك فيما يلي إشارة إلى بعض الآيات من الصنفين:
{وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} (1).
{إياك نعبد وإياك نستعين} (2).
{وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} (3).
هذه الآيات نماذج من الصنف الأول، وإليك فيما يأتي نماذج من الصنف الآخر الذي يدعونا إلى الاستعانة بغير الله من العوامل والأسباب:
{واستعينوا بالصبر والصلاة} (4).