أما المسلمون، فهم يواجهون العالم مرفوعي الرأس، ويقولون: يا أيها الناس لقد بعث رجل من أرض الحجاز، قبل ألف وأربعمائة سنة لقيادة المجتمع البشري، وقد حقق نجاحا باهرا في مهمته، وهذه آثار حياته، محفوظة تماما في مكة والمدينة، فهذه الدار التي ولد فيها، وهذا غار حراء حيث هبط إليه الوحي والتنزيل فيها، وهذا هو مسجده الذي كان يقيم الصلاة فيه، وهذا هو البيت الذي دفن فيه، وهذه بيوت أولاده وزوجاته وأقربائه، وهذه قبور ذريته وأوصيائه (عليهم السلام).
والآن، إذا قضينا على هذه الآثار فقد قضينا على معالم وجوده (صلى الله عليه وآله) ودلائل أصالته وحقيقته، ومهدنا السبيل لأعداء الإسلام ليقولوا ما يريدون.
إن هدم آثار النبوة وآثار أهل بيت العصمة والطهارة ليس فقط إساءة إليهم (عليهم السلام) وهتكا لحرمتهم، بل هو عداء سافر مع أصالة نبوة خاتم الأنبياء ومعالم دينه القويم. إن رسالة الإسلام رسالة خالدة أبدية، وسوف يبقى الإسلام دينا للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة، ولا بد للأجيال القادمة - على طول الزمن - أن تعترف بأصالتها وتؤمن بقداستها. ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب أن نحافظ - أبدا - على آثار صاحب الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله) لكي نكون قد خطونا خطوة في سبيل استمرارية هذا الدين وبقائه على مدى العصور القادمة، حتى لا يشكك أحد في وجود نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) كما شككوا في وجود النبي عيسى (عليه السلام).
لقد اهتم المسلمون اهتماما كبيرا بشأن آثار النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته وسلوكه، حتى أنهم سجلوا دقائق أموره وخصائص حياته ومميزات شخصيته، وكل ما يرتبط به كخاتمه، وحذائه، وسواكه، وسيفه، ودرعه، ورمحه، وجواده، وإبله، وغلامه، وحتى الآبار التي شرب منها الماء، والأراضي التي أوقفها لوجه الله سبحانه، والطعام المفضل لديه، بل وكيفية مشيته وأكله وشربه، وما يرتبط بلحيته المقدسة وخضابه لها، وغير ذلك، ولا زالت آثار البعض منها باقية إلى