جعلوا تدمير الآثار وهدمها جزءا من الدين، والاحتفاظ بها ابتعادا عنه، فهذه عقليتهم وهذا مبلغ إدراكهم الذي لا يقل عن عقلية وإدراك الصبيان، الذين لا يعرفون قيمة التراث الواصل إليهم عن الآباء، فيلعبون به بين الخرق والهدم وغير ذلك.
لا شك أن لهدم الآثار والمعالم التاريخية الإسلامية وخاصة في مهد الإسلام، مكة، ومهجر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، المدينة المنورة، نتائج وآثارا سيئة على الأجيال اللاحقة التي سوف لا تجد أثرا لوقائعها وحوادثها وأبطالها ومفكريها، وربما يؤول بها الأمر إلى الاعتقاد بأن الإسلام قضية مفتعلة، وفكرة مبتدعة ليس لها أي أساس واقعي تماما.
فالمطلوب من المسلمين أن يكونوا لجنة من العلماء من ذوي الاختصاص، للمحافظة على الآثار الإسلامية وخاصة آثار النبي (صلى الله عليه وآله)، وآثار أهل بيته، والعناية بها وصيانتها من الاندثار، أو من عمليات الإزالة والمحو، لما في هذه العناية والصيانة من تكريم لأمجاد الإسلام وحفظ لذكريات الإسلام في القلوب والعقول، وإثبات لأصالة هذا الدين، إلى جانب ما في أيدي المسلمين من تراث ثقافي وفكري عظيم، وليس في هذا العمل أي محذور شرعي، بل هو أمر محبذ، اتفقت عليه كلمة المسلمين الأوائل كما سيوافيك، فالسلف الصالح وقفوا - بعد فتح الشام - على قبور الأنبياء ذات البناء الشامخ.. فتركوها على حالها من دون أن يخطر ببال أحدهم وعلى رأسهم عمر بن الخطاب بأن البناء على القبور أمر محرم يجب أن يهدم، وهكذا الحال في سائر القبور المشيدة بالأبنية في أطراف العالم. وإن كنت في ريب من هذا فاقرأ تواريخهم، وعلى سبيل المثال إليك نص ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
إن المسلمين عند فتحهم فلسطين وجدوا جماعة من قبيلة " لخم " النصرانية