الله وتلبية للعاطفة الإنسانية، فهذا النوع من العمل يعد من القيم الأخلاقية، فالعمل الحسن، هو النابع من نية صادقة لا يشوبها أي رياء.
وأما المذاهب الأخلاقية الأخرى فإنما هي تنظر إلى ظاهر العمل فحسب دون أن تولي أهمية إلى الحوافز التي دفعت الإنسان نحو القيام به، فلو قام شخص بمشاريع خيرية لغاية كسب رصيد أكبر من آراء الناس في الانتخابات مثلا أو في مجالات أخرى فهذا النوع من العمل بما أنه لم ينبع من نية صادقة، بل من أنانية استحوذت عليه للوصول إلى مآربه المادية، ليس له قيمة في الإسلام، وما ذلك إلا لأن العمل ثمرة النية، فلو كانت النية خالصة فالعمل حسن مهما كان ضئيلا، وأما إذا كانت النية مشوبة بالرياء والسمعة فيحط من قيمة العمل مهما كان عظيما، والآيات القرآنية تثبت هذا المدعى بوضوح نكتفي بآيتين: وردتا في عمارة المسجد الحرام.
كان المشركون في عصر الرسالة قائمين بتعمير المسجد الحرام لا لله سبحانه، بل لأجل كسب الوجاهة عند القبائل العربية التي كانت تحج كل عام و تزور المسجد الحرام، فنزل الوحي الإلهي على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يبلغه بأنه ليس لهم أي حق في تعمير المسجد الحرام مع شركهم وكفرهم، وما ذلك إلا لأجل أن نيتهم كانت يعوزها الإخلاص في العمل.
قال سبحانه: * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون) *. (1) وفي الوقت نفسه يرى سبحانه ذلك الحق للمخلصين من عباده الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، قال سبحانه: * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة