وأسرع فرسك شاردا إلى خيامك قاصدا محمحما باكيا.
فلما رأين النساء جوادك مخزيا ونظرن إلى سرجك عليه ملويا برزن من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وللوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ومولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك، ورفع على القناة رأسك وسبي أهلك كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطيات تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق... ". وصورت هذه الكلمات مصرع الإمام السبط وما عاناه في اللحظات الأخيرة من حياته من صنوف الخطوب والكوارث التي تتصدع من هولها الجبال ولا يقوى على تحملها أي كائن حي لقد تواكبت على ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله ووارث كمالاته جميع مصائب الدنيا يتبع بعضها بعضا فقد رزئ بأصحابه وأهل بيته وأولاده ورآهم مجزرين كالأضاحي على صعيد (كربلاء) وعياله وأطفاله يستغيثون من شدة الظمأ.
وقد عجت حرائر النبوة ومخدرات الرسالة بالعويل والبكاء لعظم ما نزل بهن من البلاء فهن ينظرن إلى النجوم المشرقة من أبناء رسول الله (ص) وهم في غضارة العمر ونضارة الشباب وقد سبحوا بدمائهم وتناثرت أشلاؤهم على صعيد (كربلاء) وينظرن إلى الإمام الممتحن سيد شباب أهل الجنة وقد تدافعت على قتله العصابة المجرمة من جيوش الأمويين وقد وجهوا نحوه جميع ما يملكون من وسائل القتل والإبادة حتى تناهبت جسمه الشريف سيوفهم ورماحهم وسهامهم.
ينظرن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هذه الفجائع وقد مزق الأسى قلوبهن واختطف الرعب ألوانهن ولا يعلمن ماذا سيجري لهن من صنوف الرزايا والبلاء بعد مصرع الحسين عليه السلام لقد كان منظرهن من أفجع وأقسى مما رزئ به الإمام الحسين عليه السلام فقد استوعبت نفسه الشريفة رزايا بنات رسول الله صلى الله عليه وآله ولما صرع سبط رسول الله صلى