وأسخطوا ربك وجدك وبدؤوك بالحرب فثبت للطعن والضرب وطحنت جنود الفجار واقتحمت قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كأنك علي المختار " وحكت هذه الكلمات جهاد الإمام أبي الأحرار عليه السلام ومناجزته للحكم الأموي الذي كفر بحقوق الإنسان وأشاع الظلم والفساد في الأرض فلم يسعه السكوت فانبرى إلى ساحات الجهاد المقدس ينكر المنكر بقلبه ولسانه وحسامه ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولنستمع إلى فصل آخر من فصول هذه الزيارة يقول عليه السلام:
" فلما رأوك - يعني بني أمية - ثابت الجأش غير خائف ولا خاش نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوك بكيدهم وشرهم وأمر اللعين جنوده فمنعوك الماء وورده وناجزوك القتال وعاجلوك النزال ورشقوك بالسهام والنبال وبسطوا إليك أكف الاصطلام ولم يرعوا لك ذماما ولا راقبوا فيك آثاما في قتلهم أوليائك ونهبهم رحالك وأنت مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات... " ومفاد هذه الكلمات أن الأمويين لما رأوا الإمام أبا الأحرار كالطود الشامخ ينعي عليهم سياستهم التي شذت عن كتاب الله وسنة نبيه وتزعمه للقوى المعارضة لهم غير حافل بهم ولا خائف من سلطانهم قابلوه وناجزوه بكل ما يملكون من الوسائل والتي كان من أخسها أنهم حرموه الماء في (كربلاء) حتى أشرف أطفاله وعياله على الموت ورشقوه بسهامهم ونبالهم ولم يرعوا فيه حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تحمل عليه السلام جميع ما عاناه من الخطوب والكوارث بصبر عجبت منه ملائكة السماء ولنستمع إلى فصل آخر من هذه الزيارة يقول عليه السلام:
" فأحدقوا بك من كل الجهات وأثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبق لك ناصر، وأنت محتسب صابر تذب عن نسوتك وأولادك، حتى نكسوك عن جوادك فهويت إلى الأرض جريحا تطؤك الخيول بحوافرها وتعلوك الطغاة ببواترها.
قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك تدير طرفا خفيا إلى رحلك وبيتك وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك،