حتى يخرجوا من (سامراء) فبعث معهم نقيبا من الشرطة لحراستهم، فلما خرجوا من (المدينة)، طلع عليهم شاب، حسن الوجه، فصاح بأسمائهم واحدا بعد واحد، وقال لهم:
" أجيبوا مولاكم.. ".
" أنت مولانا؟.. ".
" معاذ الله أنا عبد مولاكم، فسيروا إليه.. ".
وساروا معه، وقد ملئت نفوسهم سرورا، فأتوا إلى دار الإمام عليه السلام، وكان جالسا على سرير، كأن وجهه الشريف فلقة قمر وعليه ثياب خضر، فسلموا عليه، ولما استقر بهم المجلس بادر الإمام فأخبرهم بكمية المال، وبأسماء المرسلين له، وعرفهم برجالهم، وما كان معهم من الدواب، ولم يبق بادرة إلا أخبرهم بها، فخروا لله ساجدين، لما هداهم من معرفة الإمام عليه السلام، ثم سألوه عن بعض الأحكام الشرعية فأجابهم عنها، فسلموه الأموال، وأمرهم أن لا يحملوا شيئا من الأموال إلى (سامراء) وأنه ينصب لهم وكيلا (ببغداد) يحملون الأموال إليه، وتخرج بواسطته التوقيعات، كما دفع الإمام عليه السلام إلى أبي العباس محمد بن جعفر القمي الحميري شيئا من الحنوط والكفن، وقال له: عظم الله أجرك في نفسك، وخرج الوفد ولما بلغوا عقبة (همدان) توفي أبو العباس (1).
جعفر والخليفة:
وحمل جعفر إلى الخليفة العباسي عشرين ألف دينار لما توفي الإمام الحسن العسكري، وطلب منه أن يجعله في مرتبة أخيه الحسن، ويصيره في منزلته، فرد عليه الخليفة قائلا:
" إعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا، وإنما كانت بالله عز وجل ونحن قد