2 - محمد أمين البغدادي:
وأنكر محمد أمين البغدادي الشهير (بالسويدي) وجود الإمام المنتظر عليه السلام، وذهب إلى أنه سيولد، قال: " وزعمت الشيعة أنه غاب في السرداب ب (سر من رأى) والحرس عليه سنة (262 ه) وأنه صاحب السيف القائم قبل قيام الساعة، وله قبل قيامه غيبتان: أحدهما أطول من الأخرى ".
قلت: ومما يبطل كون المهدي محمد هذا هو المنتظر قبل الساعة أصولهم التي أسسوها للإمامة وهي ما ذكروه في كتبهم من أن نصب الإمام واجب على الله تعالى، وأنه لا يجوز على الله أن يخلي الزمان من الإمام، وعندهم الإمامة محصورة في هؤلاء الاثني عشر الذين ذكرناهم وهم الذين يوجبون العصمة لهم، فيقتضي أن الله قد ترك ما هو واجب عليه من عدم نصب المهدي إماما بعد موت أبيه، بل أخر ذلك إلى آخر الزمان.
إن قالوا: إنه إمام الآن، فنقول: وأي فائدة من إمام مختف عاجز، لا يقدر على رفع الظلم مع أن زمان الأئمة الذين كانوا قبله كان أقرب لنبي الله (ص) وقد ظهروا وهذا الزمان أحوج إلى ظهور الإمام فيه لبعده عن عصر النبوة، وزيادة الجور فيه، والذي اتفق عليه العلماء أن المهدي هو القائم في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلا " (1).
وليس في هذا الانكار أية أصالة أو موضوعية إذ ليس فيما تلتزم به الشيعة من أمر إمامها المهدي عليه السلام ما يتنافى مع مقولاتها العقائدية - كما توهم السويدي - فإن نصب الإمام عليه السلام واجب عقلا على الله تعالى من باب اللطف كما تؤمن بذلك الشيعة، والإمام المهدي أحد الأئمة الاثني عشر خلفاء النبي صلى الله عليه وآله على أمته وقد غاب عن الأبصار لحكمة ذكرناها بالتفصيل في البحوث السابقة، وأنه لا بد أن يظهر على مسرح الحياة فيقيم الحق وينشر العدل، ويبسط الأمن والرخاء بين الناس.