ولم تشاهد سامراء في جميع فترات تاريخها مثل ذلك التشييع الحاشد الذي ضم موجات من البشر على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم، وهم يعددون فضائل الإمام ومآثره، ويذكرون بمزيد من الأسى واللوعة الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون.
في مقره الأخير:
وجئ بالجثمان المقدس تحت هالة من التكبير إلى مقره الأخير فدفن في داره إلى جانب أبيه الإمام الزكي، على الهادي عليه السلام، وقد واروا معه فلذة من كبد رسول الله (ص) وصفحة مشرقة من صفحات الرسالة الإسلامية (1).
ووقف السادة العلويون وبنو العباس على حافة القبر، وأقبلت الجماهير تعزيهم وتواسيهم بمصابهم الأليم، وهم يشكرونهم على ذلك، وانصرف الجميع إلى منازلهم وقد نخر الحزن قلوبهم على فقدهم الإمام عليه السلام (2).
كبس دار الإمام:
واضطربت السلطة كأشد ما يكون الاضطراب في موضوع الإمام المنتظر عليه السلام، فكبست دار الإمام، وكبسوا الدور والمنازل القريبة من دار الإمام لئلا يكون فيها من نساء الإمام، كما فتشت داره تفتيشا دقيقا، وختم على جميع ما فيها بختم الدولة، وأوعزت السلطة إلى نساء يفتشن جواري الإمام ونساءه، فمن كان بها أثر الحمل ألقى عليها القبض، وأخبروا بأن جارية يشتبه بأنها حامل فسارعت السلطة فأخذتها، وأودعتها في حجرة، ووكل بها نحرير الخادم ونسوة لحراستها.