فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين وفي العافية والظهور على الأعداء شاكرين ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدون ويطيعوا رسله ويكونوا حجة لله ثابتة على من يجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية أو عاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.. ".
ودلت هذه المناظرة على براعة الحسين وعلى قدراته العلمية فقد أقام البراهين الحاسمة على إبطال ما ذهب إليه المعاند فلم ينبس ببنة شفة وبان عليه العجز وكان محمد بن إبراهيم بن إسحاق حاضرا في المجلس وقد بهر بكلام الحسين فأقبل عليه في اليوم الثاني ليسأله عن الدليل الذي أقامه في تفنيد كلام الخصم هل هو من عنده أو أخذه من أئمة الهدى عليهم السلام ولما استقر به المجلس التفت إليه الحسين قائلا:
" يا أبا محمد بن إبراهيم لئن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه... " (1).
صلابته:
كان الحسين بن روح قوي الإرادة شديد الصلابة في الحق يقول أبو سهل النوبختي: " لو كان الحجة عليه السلام تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه " (2).