عندهم أمرا ظاهرا لا خفاء ولا شك فيه.
إن موضوع الإمام المنتظر عليه السلام من صميم العقيدة الشيعية، ومن أوليات مبادئهم، فهو آخر خلفاء النبي صلى الله عليه وآله الذين نصبهم قادة لأمته، وأعلاما لدينه، فكان من الطبيعي اهتمام الأوساط الشيعية بمعرفته، والوقوف عليه، وقد أزاح الشك عنه الإمام العسكري عليه السلام، وذلك برؤيتهم له، واجتماعهم به، وسؤالهم منه عن أحكام دينهم، وقد أشرنا إلى ذلك بصورة شاملة في البحوث السابقة.
الإمام الحسن في ذمة الخلود:
وعانى الإمام الحسن العسكري عليه السلام صنوفا مرهقة وقاسية من الظلم والاعتداء من طغاة بني العباس، فقد جهدوا على إنزال أقصى العقوبات به، والتي كان فيها، أنهم كانوا ينقلونه من سجن إلى سجن، حتى قضى معظم حياته القصيرة الأمد في ظلمات السجون، كما حجبوه من الالتقاء بشيعته، ومنعوا العلماء والرواة من الانتهال من نمير علومه، وضيقوا عليه حياته الاقتصادية غاية التضييق، ويعود السبب في حقدهم البالغ عليه إلى ما يلي:
أولا: إن الإمام العسكري عليه السلام في عصره كان أعظم شخصية في العالم العربي والإسلامي، وقد دان شطر كبير من هذه الأمة بإمامته، وهو في الوقت نفسه لم يساير الحكم العباسي، ولم يصانعه، فكان الممثل الوحيد للجبهة المعارضة للعباسيين الذين جهدوا على ظلم الناس، وإرغامهم على ما يكرهون فكان موقفه من سياستهم سلبيا، وناقدا ومعارضا فلذا قابلوه بمنتهى القسوة والعذاب.
ثانيا: فزع العباسيين وخوفهم من نجل الإمام وخليفته الإمام المنتظر عليه السلام الذي بشر به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وأعلن أنه آخر خلفائه الاثني عشر، وأنه المصلح الأعظم الذي ينشر العدل السياسي، والعدل الاجتماعي ويقضي على جميع أفانين الظلم والجور، وقد خاف العباسيون منه،