الشرع، ولا إلى عدم جوازه في عهد الرسول، دليلا على عدم وجود منع سابق.
وتدور الأمور، حتى عهد عمر، فنجده هو الآخر يقدم في بداية عصره على كتابة السنن، فيريد أن يكتبها ثم يتردد، فيستشير الصحابة في ذلك، فأشار عليه كافتهم بالكتابة (1).
وهذا هو في نفسه دليل واضح على أنه لم يكن في عهد الصحابة تحرج من تدوين الحديث، ولم يجر في خلد أحد منهم المنع، وأنهم لم يأبهوا بما بدر من أبي بكر من إجراء الإبادة للحديث.
وإلا، فكيف يشير كافتهم على عمر بأن يكتب السنن؟!.
ولكن عمر لم يأخذ بمشورة الصحابة، وإنما طفق شهرا، مترددا، إلى أن استقر رأيه على المنع، بحجج سنعرضها في القسم الثاني.
وكل هذا الإقدام وتلك الاستشارة، وهذه الإشارة من الصحابة، وذلك التردد والتعلل من عمر، يدل على عدم ثبوت المنع عندهم من الشرع، وإلا فلا معنى لكل ذلك.
قال الشيخ محمد محمد أبو زهو: وقد كأن هذا [المنع] رأيا من عمر (2).
بل، صدر المنع من أبي بكر، وثم من عمر، على أنه رأي خاص لهما، من دون أن يوافقهما عليه سائر الصحابة.