مضافا إلى كل ذلك، نقول:
إن استمرار الخلاف في أمر التدوين، وعدم خضوع المبيحين لإجراءات المنع، دليل على أمرين:
1 - أن أحاديث النهي عن التدوين ليست صحيحة، وإلا، لم يكن أكثر الصحابة والتابعين على خلاف المنع، بل فيهم من قام عملا بتدوين الحديث وجمعه في الصحف.
2 - أن المنع، لم يكن أمرا شرعيا، بل كان رأيا ارتآه المانعون، استنادا إلى أمور خاصة، ظهرت لهم، ولم يوافقهم عليها سائر الصحابة.
وهذا الأخير يتضح بشكل أكثر، إذا لاحظنا تعليلاتهم للمنع، تلك المختلفة، بل المتنافية في بعض الجهات، كما مر ذكر ذلك تفصيلا.
بل، إن لجوء المانعين إلى طرح مثل هذه التبريرات، التي أثبتنا بطلانها، لهو دليل واضح على عدم أصالة المنع كحكم شرعي.
وإذا كان المنع على أساس ما يراه الصحابي مصلحة، فإن للصحابة الآخرين حق الاعتراض عليه، فلا يكون ما يراه الصحابي حجة على الصحابي الآخر، إلا إذا أقام له الدليل الشرعي المقنع، كما هو الحال في المجتهدين (1).
ولما لم تكن التبريرات المطروحة مقنعة للإجابة عن سبب المنع؟