توجيهات العامة لحبس الصحابة:
لقد ارتبك علماء العامة أمام هذه الإقدام، ارتباكا غريبا.
فهم بين منكر لهذه الروايات - وخاصة ما نقل عن عمر في حبس الصحابة - وحاكم بعدم صحتها، وبوضعها، ومن أشدهم في ذلك ابن حزم الظاهري، الذي عبر عن رواياتها بالروايات الملعونة!
وبين من صححها سندا، وهم الأكثر، إلا أنهم اختلفوا في توجيهها، مع الاعتراف بظهورها في التشديد على الصحابة في نقل الحديث والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إلا أن فيهم من أسفر عن حقيقة الأمر، بلا تورية، وهو أبو بكر ابن العربي، صاحب (العواصم من القواصم) فإنه - على تعنته وجرأته في إنكار ما لا يوافق مذهبه وهواه ورأيه - في الدفاع عن عثمان إذ أخذ عليه إخراج أبي ذر إلى الربذة:
فقد روي أن عمر بن الخطاب... سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة، سنة، بالمدينة، حتى استشهد، فأطلقهم عثمان، وكان سجنهم لأن القوم أكثروا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).
وهو وإن كان حرف علة السجن، فجعلها الإكثار، بينما هي مجرد الإفشاء، أي الإعلان والإذاعة والنقل والنشر لحديث الرسول وسنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.