ولم يكن رأي عامة الصحابة، إلا عدم التحرج من الكتابة، وإباحتهم التدوين بل لزومه، كما يفهم من إشارتهم على عمر بأن يكتب السنن.
وبعد أن أعرض عمر عن آراء الصحابة، وبدا له أن يمنع التدوين وعمم أوامر المنع على الأمة، بما فيهم الصحابة، بدأ حديث المنع يتسرب وينتشر.
وفي هذه الفترة نجد بعض الصحابة يظاهر عمر على إجراء المنع، وهم نزر قليل لا يتجاوزون العقد الواحد، وقد عدهم الخطيب البغدادي ستة أشخاص فقط في كتابه (تقييد العلم) وهو أجمع وأهم كتاب في هذا الموضوع (1).
والملاحظ أن أحدا منهم لم يحتج بالشرع في منعه من التدوين، ولم يستند عند محاولة المنع إلى نص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما علل لمنع التدوين بعلل أخرى.
قال الشيخ محمد محمد أبو زهو: إن امتناع بعض الصحابة عن كتابة الحديث، ومنعهم منها، لم يكن سببه نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن كتابة الحديث، بدليل أن الآثار الواردة عنهم في المنع أو الامتناع من كتابة الحديث، لم ينقل فيها التعليل بذلك، وإنما كانوا يعللون بمخافة أن يشتغل الناس بها عن كتاب الله، أو غير ذلك من الأغراض (2).
هؤلاء المانعين من الصحابة تدور أحاديث المنع