ونقل ابن حجر في ترجمة عبد الواحد بن زياد العبدي عن القطان أنه أشار إلى لينه فقال: ما رأيته طلب حديثا قط، وكنت أذاكره بحديث الأعمش فلا يعرف منه حرفا.
قال ابن حجر: قلت: وهذا غير قادح، لأنه كان صاحب كتاب، وقد احتج به الجماعة (1) وعلق التهانوي: أي لم يكن يحدث من حفظه، ومن كان يحدث من الكتاب فلا عبرة بحفظه، وإنما الاعتماد على كتابه (2).
6 - وأخيرا: هل الحفظ أعظم فائدة من الكتابة، وأجدى نفعا؟
وهل الكتابة دون الحفظ قوة؟!
لقد أثار الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الخالق هاتين الدعويين، فلا بد من معرفة الحقيقة فيهما، والإجابة عن ذينك السؤالين:
أما الأول: فقد قال فيه: إن الحفظ في الغالب لا يكون إلا مع الفهم، وإدراك المعنى والتحقق منه، حتى يستعين بذلك على عدم نسيان اللفظ، ثم إنه يحمل المرء على مراجعة ما حفظه واستذكاره آنا بعد آن، حتى يأمن زواله، ثم إن محفوظه يكون معه في صدره في أي وقت، وفي أي مكان، فيرجع إليه في جميع الأحوال عند الحاجة، ولا يكلفه ذلك الحمل مؤونة ولا مشقة بخلاف الكتابة (3).