وقوة نظم الشعر عند الشاعر، تلك المعتمدة على قريحته الذاتية، لأن كتابته للشعر تدل على ضعف الشاعرية عنده باستمداده من شعر غيره، أو عدم نبوعها من أعماق روحه، وإلا لم يحتج إلى نقشها على صفحات الأوراق، بعد صفحات القلوب.
فهذا القرآن الكريم وهو أعظم نص مقدس عند المسلمين، لأنه الوحي الإلهي المبين، وكلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين.
ومع أنه نص محدود بما بين الدفتين، وآياته مشهورة محفوظة في صدور المسلمين، وهم مكلفون بتلاوتها وتكرارها كل حين، في الصلوات وجوبا، وفي غيرها ندبا.
ومع أن سبحانه قد تكفل حفظه وصيانته، بقوله تعالى:
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (سورة الحجر (15) الآية: 9).
فمع ذلك كله، نجد أن الإسلام لم يمنع من كتابته وتدوينه، وخطه بالقلم على الأوراق.
بل، إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم اهتم بأمر كتابته من أول وهلة لنزوله، فعين له كتابا عديدين، بلغ بهم بعض المصادر إلى أربعين كاتبا (1).
وقد كان لكتابته أثر مهم في حفظه عن التحريف، وصيانته عن التصحيف، فلم يتمكن أعداء الإسلام من الإجهاز عليه، والتشكيك فيه،