دونوا القرآن الكريم، ولم يجدوا في ذلك صعوبة، فلو أرادوا أن يدونوا الحديث ما شق عليهم تحقيق تلك الوسائل، كما لم يشق هذا على من كتب الحديث بإذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).
بل، لم يأل المسلمون جهدا في كتابة القرآن - رغم الصعاب - وإذا علمنا أن السنة الشريفة لا تقل - عند المسلمين - أهمية من القرآن، بنص الكتاب نفسه، والسنة القطعية، وإجماع المسلمين، كما سبق ذكر بعض ذلك - فلا بد أن تكون همتهم قد توجهت إلى كتابة الحديث الشريف أيضا.
ثم، إن هذا التبرير إنما يناسب ما لو كان الصحابة والتابعون امتنعوا عن كتابة الحديث بأنفسهم، لكن المفروض أنهم كانوا يرغبون في كتابة الحديث كما ظهر من إشارتهم على عمر بأن يكتب الحديث (2) وكما أقدم كثير منهم على التدوين فخلف صحفا وكتبا، عددنا بعضها في القسم الأول من هذه الدراسة، لكن خالفهم، ومنعهم، من أمر بمنع التدوين مطلقا.
فالسؤال الأساسي هو: لماذا جاء المنع؟
وأما عدم معرفة أكثرهم للكتابة، فلا ربط له بالبحث، لأن المدعى ليس هو كتابة الأكثر للحديث، وعدمها.
بل السؤال: عن وجه منع العارفين للكتابة، عن التدوين؟