تدوين السنة الشريفة - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٥٩
إن الإعراض عن كل هذه الحقائق، ومحاولة تفسير الحديث بما لا يلائم الواقع، ولا مفردات الألفاظ الواردة فيه، لا يصدر إلا عن هوى.
نعوذ بالله من ذلك.
والأغرب أن الذهبي يحاول صرف حديث الأريكة عما فعله أبو بكر من منع الحديث، فيقول: إنه - أي أبا بكر - لم يقل: حسبنا كتاب الله، كما تقوله الخوارج (1).
لكن: إن الكلمة التي حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها وعن قائلها هي: (بيننا وبينكم كتاب الله...) وهي التي قد قالها أبو بكر بعينها.
وأما كلمة (حسبنا كتاب الله) وإن لم يقلها أبو بكر، فقد قالها عمر، الذي كان أشد في منع الحديث وتدوينه، بدعوى أنه لا يريد أن يلبس القرآن بشئ (2).
وعمم ذلك على الناس في كتاب رسمي، فكتب إلى الأمصار من كان عنده منها شئ، فليمحه (3).
فعمر، هو أول من أفصح عن مقالة (حسبنا كتاب الله) وقد قالها كلمة جريئة في محضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي أشد اللحظات حساسية في حياة الرسول صلى الله عليه وآله

(١) تذكرة الحفاظ للذهبي (١ / ٣) ولاحظ دراسات حول القرآن والسنة لشعبان (ص 117) فقد نقل عن الخطابي مثل هذا الكلام.
(2) تقييد العلم (ص 49).
(3) تقييد العلم (ص 53) وجامع بيان العلم (1 / 78) وكنز العمال (10 / 292) ح (29476).
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست