إن الإعراض عن كل هذه الحقائق، ومحاولة تفسير الحديث بما لا يلائم الواقع، ولا مفردات الألفاظ الواردة فيه، لا يصدر إلا عن هوى.
نعوذ بالله من ذلك.
والأغرب أن الذهبي يحاول صرف حديث الأريكة عما فعله أبو بكر من منع الحديث، فيقول: إنه - أي أبا بكر - لم يقل: حسبنا كتاب الله، كما تقوله الخوارج (1).
لكن: إن الكلمة التي حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها وعن قائلها هي: (بيننا وبينكم كتاب الله...) وهي التي قد قالها أبو بكر بعينها.
وأما كلمة (حسبنا كتاب الله) وإن لم يقلها أبو بكر، فقد قالها عمر، الذي كان أشد في منع الحديث وتدوينه، بدعوى أنه لا يريد أن يلبس القرآن بشئ (2).
وعمم ذلك على الناس في كتاب رسمي، فكتب إلى الأمصار من كان عنده منها شئ، فليمحه (3).
فعمر، هو أول من أفصح عن مقالة (حسبنا كتاب الله) وقد قالها كلمة جريئة في محضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي أشد اللحظات حساسية في حياة الرسول صلى الله عليه وآله