وقد أوضحنا كل هذه الأمور في مواضعه من هذا الكتاب.
نقول: والنتيجة التي ترتبت على كل تلك الأعمال هي أن عليا عليه السلام أقصي عن الخلافة والحكم مدة خمس وعشرين سنة.
ويدل على ذلك، أنه لما خفيت أسباب المنع، وضعفت السلطة، بعد عمر بن الخطاب، وانتشرت تلك الأخبار شيئا فشيئا، ظهرت للناس حقيقة الأمر وكان ذلك بإقدام من الصحابة الذين كانوا من قبل مخالفين لإجراءات المنع، فنشروا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من دون تلكؤ أو تحرج.
وعرف الناس مقام الإمام عليه السلام، فرجعوا إليه، وفيهم جميع الصحابة المعاصرين له باستثناء الذين حاربوه في حربي الجمل وصفين، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد (1).
وأما الأمر الثاني: وهو إبعاد المسلمين عن أهل البيت عليهم السلام:
فإذا لم يعرف المسلمون أهل البيت حق المعرفة، ومات الصحابة الذين وقفوا إلى جانب أهل البيت إلى حد الشهادة في الدفاع عن حقهم، كعمار وغيره، وخاف الآخرون، وضعف أمرهم، بحيث لم تبق لهم كلمة مسموعة، سيطر - حينئذ - على حكم المسلمين من لا خلاق لهم بالإسلام، ممن كانت همتهم السلطنة والملك، كما قال معاوية، لما ملك الكوفة، في خطبة له للجمعة: إني ما قاتلتكم