ومهما يكن موقف أولئك، فإن عامة الصحابة أشاروا على عمر بالتدوين من دون ت حرج وهذا منهم وحده دليل على التزامهم بجواز الكتابة والتدوين من دون حرج (1). بل قاوم بعضهم المنع بشدة، ولم ينصاعوا عمليا لتلك الأوامر إطلاقا حتى أن عمر حاول الالتفاف عليهم، لينقض على ما كتبوا من الأحاديث، فطلب منهم إحضارها عند ه، ولم يبين لهم مراده، حتى ظنوا أنه يريد بها خيرا، لكنه، جمعها وأحرقها (2).
ولو علموا ذلك منه، لما أتوه بها ولأخفوها عنه.
وهذا النص يدل على أن دأب الصحابة، كان على التدوين، وبإصرار وحرص بالغين، غير منصاعين لأوامر الوالي بالمنع، حتى التجأ عمر إلى الالتفاف عليهم للقضاء على ما كتبوا!
قال الشيخ عبد الغني: فقد كان أكثرهم يبيح الكتابة، ويحتفظ بالمكتوب منها، والبعض يكتب بالفعل (3).
كما تدل على ذلك آثار الصحابة ومخلفاتهم المكتوبة، التي جمعوا فيها الحديث الشريف، والتي سنستعرضها في هذا المقام بتفصيل.
ومقارنة سريعة بين أسماء المانعين للتدوين، وبين أسماء المبيحين للتدوين من الصحابة، تعطينا اليقين بأن المانعين إنما كانوا شذاذا حادوا