الأصابع مما لا يقاوم المجموعة الكبيرة من الأحاديث الدالة على الإباحة والجواز وفيها العديد من الصحاح، لو تم التعارض بينهما.
مع أن أحاديث النهي محمولة على محامل أخر، بحيث لا تنافي ما دل على جواز التدوين وإباحة كتابة الحديث: كالحمل على نهي أشخاص معينين، أو النهي عن كتابة الحديث في صحف خاصة لكتابة القرآن، أو أنها منسوخة، وإنما كانت في ابتداء الأمر، وأن أدلة الجواز هي المتأخرة (1).
فلم يبق أمام إثبات اتصال هذه السيرة إلا إثباتها في عهد الصحابة والتابعين، وهو ما عقدنا له هذا الفصل.
مع أننا نعتقد أن السيرة التي تحققت بعد القرن الأول، والإجماع الذي انعقد عند علماء الإسلام كافة، لم يكونا نابعين من حينهما ، بل كانا مأخوذين من السلف الصالح، وأنهما مستمران في التحقق، جيلا قبل جيل، ر غم المخالفة القصيرة العمر، والقليلة الأثر على الحديث الشريف.
ولو حققنا الأمر، وصدقنا القول، لوجدنا أن هذه السيرة متصلة بعصر النبوة الزاهر، بل مستوحاة بلا شك من تقرير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأمره بالتدوين والكتابة.
وليس علينا أن ننتظر - كما يقول المشككون في الحديث - عهد