وهذا التبرير غير مقبول، لوجوه:
فأولا: إن نفس النهي عن الكتابة - لو صح - يقتضي بطلان هذا التوجيه والتبرير، حيث إن الأمي، غير العارف للكتابة، لا يعقل أن يخاطب بمثل: لا تكتب، بل الحكمة تقتضي أن يوجه مثل هذا الخطاب إلى من يعرف الكتابة، ويتمكن منها، فيراد صده عنها.
وثانيا: أن الكتابة - مهما كان شأنها قبل الإسلام - أصبحت بمجئ الإسلام من أكبر اهتمامات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يأل جهدا في حث المسلمين على استيعابها بشتى الوسائل، حتى أنه صلى الله عليه وآله وسلم استعملها في المجال السياسي.
فجعل صلى الله عليه وآله وسلم فداء أسرى بدر - من المشركين الذين كانوا يعرفون الكتابة - أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة الكتابة والقراءة (1).
إن هذا وحد ه دليل على مدى أهمية محو الأمية في الإسلام، ومدى احترامه للثقافة والمثقفين، وسعيه في تعميم الثقافة.
ولعل هذه أول مدرسة ا قيمت في تاريخ الإسلام المبكر.
وقد عين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جمعا من الصحابة لكتابة القرآن حتى بلغ عدد كتاب الوحي أربعين رجلا، حسب بعض المصادر (2).