فمع كل هذه الخصوصيات: أفهل يمكن أن يتصور فيه الاختلاط بغيره؟ أو أن يشتبه على المسلمين المعترفين بقدسيته؟
ثم إذا كان العرب بما أوتوا من فصاحة وبلاغة، يميزون بين آيات الوحي بمجرد سماعها وبين غيرها، وينجذبون إلى روعتها لأول وهلة حيث استقر القرآن في نفوس وعقول العرب، واستقلت به ألسنتهم، وميزت أذواقهم بين أسلوب القرآن وأسلوب غيره، وأصبح أبسط رجل منهم يميز بين القرآن وبين أفصح كلام للعرب بمجرد سماعه (1).
فكيف يمكن أن نتصور في حق رواة الحديث من الصحابة أن يشتبه عليهم ذلك، فيختلط عليهم الوحي الذي عرفوه نصا مقدسا منزلا من عند الله وله عندهم كرامته المعروفة، بكلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
أليس هذا التصور فيهم، إزراء بحقهم؟ إن لم يكن تهوينا لروعة القرآن! أو إغضاء عن إعجاز آياته البادي من خلال عبقريته البلاغية؟ تلك الروعة والعبقرية التي كانت سببا لإيمان المشركين!؟
فكيف تختلط على المؤمنين؟!
ومن هنا فإنا نقطع بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يطرح مثل هذا التخوف.
لماذا كتب القرآن مع أنه معجز ببلاغته الفائقة؟