تعليق على الفصل الثاني:
وبعد هذا التجوال الممتع في رحاب السنة المطهرة، والوقوف على بدائع الآثار الكريمة، عرفنا أن السنة - بجميع أشكالها من: التقريرية، والفعلية، والقولية - المسندة المرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تدل على إباحة تدوين الحديث، منذ عهد الرسالة، بما لا يبقى معه شك للواقف عليها في ذلك.
وقد بلغت قوة هذه الحجة بحيث ألجأت المنصفين إلى الاعتراف بأن، الحقيقة أن إنكار تقييد الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يأتي ممن يتحاكم إلى الإنصاف ويسلك نهج العلم.
فإن روايات كتابته قد تعددت بالأسانيد الموثوقة الكثيرة جدا في مختلف مراجع السنة، مما يبلغ بها درجة التواتر الذي يقطع من يطلع عليه من العلماء ويتحقق وقوع الكتابة للحديث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (1).
فلا ريب أن رضاه صلى الله عليه وآله وسلم بما تحقق في مرأى منه ومسمع محرز، فيدل بتقريره على إ باحة التدوين وجوازه منذ عهده صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما دلالة ما أشرف هو صلى الله عليه وآله وسلم على كتابته مما سميناه بالسنة الفعلية -