هذا الكلام المغسول من البلاغة! العاري عن الفصاحة! وهو أبلغ من نطق بالضاد؟ (1).
ويقول: حتى انتهيت... إلى إنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث - كلها! - مما سموه صحيحا، أو ما جعلوه حسنا، حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه، كما نطق الرسول به (2).
أقول: لا ريب أن في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما يجري مجرى المعتاد من كلام الناس، لم يأت لغرض من أغراض البلاغة ولا فيه صنعة كلامية، وكذلك البلغاء ليس كل كلامهم طافحا بالبلاغة، وكذلك الشعراء ليس كل كلامهم شعرا له وزن وقافية، وحتى الشاعر الواحد ليس كل شعره متساويا في القوة والجودة.
وإنما البلغاء كانوا يبرزون قابلياتهم في المناسبات، وكان الشعراء يستعدون للمواسم والحلبات، فينظمون لها القصائد، وكل يقدم أفضل ما يقدر عليه، ويتبارون في المواسم والأسواق، وهذا واضح لمن تابع منشئاتهم القوية، وداخل أغوار تاريخ الأدب الجاهلي.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما جاء مربيا ومعلما للناس، فليس اهتمامه بمجرد صنعة الكلام، وإنما كان يتكلم بلسان قومه ليبلغ إليهم الأحكام.
لكنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يخلد شيئا من الكلام،