لماذا يذرفون هذه الدموع؟ فهل إن نقل الحديث بالمعنى كان من الشيوع بحيث غطى كل الحديث قاطبة؟ أم إنه كان أمرا التزم به العلماء عند الضرورة، وبشروط صعبة التحقق، ولم يكن - في اعتقادي - إلا في ما يرتبط بالأحكام والأعمال من الروايات، وهي لا تمثل إلا بعض الحديث.
فإن كانت لكم أعين، فافتحوها على غير ذلك من الأحاديث التي لولاها - ولولا القرآن - لم يكن للغة العربية أي شأن يذكر!
ثم، أليس كثير من الحديث قد دون، وضبط، وقيد، وكتب؟
فلماذا تنعون الحديث وكأنه لم يكتب أصلا، ولم يدون أصلا؟
ومن هنا نعتقد أن الذين يضربون على هذا الوتر إنما يريدون ضرب الحديث الشريف كله.
وقد أوغل في إثارة هذه الضجة محمود أبو رية المصري (1) في كتابه (أضواء على السنة المحمدية) (2).
فهو يقول - في أسباب تأليفه للكتاب -: مما كان يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأحد أجلاف العرب اهتز لبلاغتها وتعروني أريحية من جزالتها، وإذا قرأت أكثر ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية، ولا ذلك الاهتزاز وكنت أعجب! كيف يصدر عنه صلوات الله عليه مثل