لكنه لا يختلف عن المعنى الأول في شئ، حتى يعتبره العجاج جيدا، وكأن المعنى الأول ليس بجيد!
فالمنع من الحديث هو مغزى هذا الخبر، ومغزى كل الآثار المذكورة عن عمر في تعامله مع الصحابة، وهو الأمر الذي يتصدى علماء العامة لتوجيهه.
على أن أبا بكر ابن العربي قال: إن عمر سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة... فأطلقهم عثمان... وكان سجنهم لأن... (1) فاستعمل كلمة السجن.
وأما قول العجاج - توضيحا لتفسير ابن البري -: يريد أنه منعهم كثرة الحديث خوفا أن لا يتدبر السامعون... إذا كثر عليهم.
فهذا تصرف غير أمين، لأن ابن البري يقول: منعهم الحديث عن رسول الله، والعجاج يقول: يريد منعهم كثرة الحديث.
فكلمة (كثرة) زادها العجاج ليفيد منها، موهما أن ابن البري يريدها وهو لا يريدها، ولو أرادها لأضافها في كلامه.
وأما نحن فنعتقد أن الهدف الأساس من منع رواية الحديث ونقله هو الهدف من منع تدوينه وتقييده وضبطه، وهو إخفاء الأحاديث الدالة على إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام، وعلى أساس سياسة مدبرة.
ولئن لم تكن هذه السياسة واضحة أيام عمر، لكثرة التعتيم الإعلامي، فإن مجريات الأحداث المتعاقبة بعده، أوضحت ذلك (2)