بل في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشرف بنفسه مباشرة على كتابته منذ طلاوة نزوله.
فلو كان الحفظ على الخاطر واجبا في شئ، لكان في القرآن أوجب.
ولو كانت سعة الحفظ وقوة الحافظة مانعة عن كتابة شئ لكانت أمنع ما تكون عن كتابة القرآن (1).
وإذا لم يكن كذلك، ولم تكن الكتابة مانعة عن الحفظ، بل مؤكدة له - كما سيأتي - فليكن في الحديث كذلك.
هذا ما يبدو لنا من المناقشة في هذا التبرير ثانيا.
وأما ثالثا:
فلأن الكتابة لا تنافي الحفظ على الخاطر، بل هي مؤكدة له، وموجبة لقوته.
وقد رأينا أن القرآن الكريم قد حث الشرع على حفظه على الخاطر واستظهار آياته، وحث - كذلك - على كتابته وتدوينه وزاول أمر كتابته كتاب الوحي، تحت إشراف الشارع نفسه، وثابر المسلمون على كتابته مدى القرون، من دون أن يكون لذلك تأثير في أمر حفظه.
ولذا قد جاء في الحديث الشريف، عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قوله: القلب يتكل على الكتابة (2).