التي هي عين الذات، وقوله: " الله الصمد " يصفه بانتهاء كل شئ إليه وهو من صفات الفعل، - إذ الصمد هو السيد المصمود إليه، أي المقصود في الحوائج على الإطلاق - والآيتان الكريمتان الاخريان أعني: " لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " تنفيان عنه تعالى أن يلد شيئا بتجزيه في نفسه، فينفصل عنه شئ من سنخه بأي معنى أريد من الانفصال والاشتقاق، كما يقول به النصارى في المسيح - عليه السلام -: إنه ابن الله، وكما يقول الوثنية في بعض آلهتهم: إنهم أبناء الله سبحانه، وتنفيان عنه أن يكون متولدا من شئ آخر ومشتقا منه بأي معنى أريد من الاشتقاق كما يقول الوثنية. ففي آلهتهم من هو إله أبو إله، ومن هو آلهة أم إله، ومن هو إله ابن إله، وتنفيان، أن يكون له كفوء يعدله في ذاته أو في فعله وهو الايجاد والتدبير (1).
ولقد زاد أيضا بأن الذي بينه القرآن الكريم من معنى التوحيد أول خطوة خطيت في تعليم هذه الحقيقة من المعرفة، غير أن أهل التفسير والمتعاطين لعلوم القرآن من الصحابة والتابعين ثم الذين يلونهم، أهملوا هذا البحث الشريف.
فهذه جوامع الحديث وكتب التفسير المأثورة منهم لا ترى فيها أثرا من هذه الحقيقة لا ببيان شارح ولا بسلوك استدلالي، ولم نجد ما يكشف عنها غطاءها إلا ما ورد في كلام الإمام علي بن أبي طالب - عليه أفضل الصلاة والسلام - خاصة، فإن كلامه هو الفاتح لبابها والرافع لسترها وحجابها على أهدى سبيل وأوضح طريق من البرهان، ثم ما وقع في كلام الفلاسفة الإسلاميين بعد الألف الهجري، وقد صرحوا بأنهم استفادوه من كلامه (2).
ويشهد لما ذكره ما رواه في " نور الثقلين " عن الكافي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن