ورسالته، إذ لو كان كاذبا لزم الإغراء بالجهل، وهو ممتنع الصدور عنه تعالى، لعدم مناسبته مع اطلاق كماله وحكمته، ولكن مع ذلك أكد وتنازل وسلك مسلك الإنصاف والمماشاة وتحدى الناس وناداهم باتيان عشر سور " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا فاعلموا أنما انزل بعلم الله " (1) ثم تنازل عنه لتثبيت العجز، وتحداهم وناداهم باتيان سورة واحدة " أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله أن كنتم صادقين " (2).
ثم لم يكتف بذلك بل دعاهم بالاتيان والمعارضة والاستمداد من كل من حضر " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين " (3).
ثم أكد التأكيدات بالإخبار الإعجازي بأن السعي في طريق المعارضة لا نتيجة له إلا الخسارة والافتضاح ولو اجتمع الجن والإنس واستظهر بعضهم ببعض لا يمكن أن يأتوا بمثله إلى الأبد.
كما نص عليه " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار " (4)، " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " (5).
وهذا هو السبب لتسمية القرآن بالمعجزة الخالدة إذ لا يختص إعجازه بعصر ولا زمان، بل هو معجزة إلى الأبد، كما أخبر عنه في قوله: " ولن تفعلوا " وفي قوله:
" ولا يأتون ".
قال العلامة آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي - قدس سره -: " وقد مضت