بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية - السيد محسن الخزازي - ج ١ - الصفحة ٢١٥
كمعاضدة العقل فيما يدل عليه، واستفادة الحكم فيما لا يدل " (1).
هذا مضافا إلى فوائد اخر كرفع الشك عن الشبهات الموضوعية للعدل والظلم اللذين كانت العقول مستقلة فيهما. ألا ترى أن الناس اختلفوا في اليوم في القيمة الزائدة الحاصلة من عمل الأجير على المواد الطبيعة كالخشب أنها لصاحب المواد أو للأجير أو لهما، وكل قوم يدعي أن العدل هو ما ذهب إليه والظلم خلافه، وليس هذا الاختلاف إلا في موضوع حكم العقل الكلي، إذ لا اختلاف في قبح الظلم وحسن العدل بينهم، وفي مثل هذا يحتاج إلى الشرع حتى يزول الشك.
وكرفع الغفلة عما حكم به العقل، إذ كثيرا ما تصير الأحكام العقلية مغفولة عنها، فالشرع يرشد الناس إلى عقولهم، وينبؤهم بحيث تذكروا ما نسوه، خصوصا إذا بشروهم وأنذروهم بالآثار التي للأعمال بالنسبة إلى البرزخ والقيامة والآخرة.
وأضعف مما ذكر من الشبهة حول إمكان النبوة وقوعا، هو ما حكي عنهم أيضا من أنه دال العقل على أن للعالم صانعا حكيما، والحكيم لا يتعبد الخلق بما يقبح في عقولهم، وقد وردت أصحاب الشرايع بمستقبحات من حيث العقل من التوجه إلى بيت مخصوص في العبادة والطواف حوله، والسعي ورمي الجمار، والاحرام والتلبية، وتقبيل الحجر الأصم، وكذلك ذبح الحيوان - إلى أن قال -:
وكل هذه الأمور مخالفة لقضايا العقول (2).
وذلك لأن الموضوع للقبح العقلي هو ما علم خلوه عن المصالح، أو ما علم اشتماله على المفاسد، والأمور المذكورة ليست كذلك، بل الأمر فيها بالعكس،

(1) شرح تجريد الاعتقاد: ص 346 الطبعة الحديثة.
(2) الملل والنحل للشهرستاني: ج 2 ص 251.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست