وأقومهم قضية وإيقانا، وأعظمهم حلما، وأوفرهم علما، قدوة المتقين، وزينة العارفين، المنبئ عن حقائق التوحيد، المشير إلى لوامع علم التفريد، صاحب القلب العقول، واللسان السؤول، والآذان الواعي، والعهد الوافي، فقاء عيون الفتن، ووقي من فنون المحن، فدفع الناكثين، ووضع القاسطين، ودمغ المارقين، الأخشن في دين الله، الممسوس في ذات الله.
ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب " جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب " (ص 33 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال:
وقد تقدم ذكر نبذ من فضائله وأنه أول من صلى القبلتين وهاجر وشهد مشاهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم كبدر وأحد الحديبية وبيعة الرضوان والمشاهد كلها غير تبوك فإنه استخلفه فيها على المدينة وإنه أبلى ببدر وأحد الخندق وخيبر بلاء عظيما وإنه أعنى في تلك المشاهد وقام فيها المقام العظيم وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة منه يوم بدر على خلف فيه ولما قتل مصعب ابن عمير يوم أحد وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده رفعه إلى علي.
وقد تقدم في خصائصه أن لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بيده في كل زحف فيحمل ذلك على الأكثر وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادة في حديث تحرك حراء وكان إذا لم يغز لم يعط سلاحه إلا لعلي أو لأسامة.
وقد تقدم ذكر منزلته في الأخوة المصاهرة والقرابة وشدة المحبة والخصوصية به وإنه آخى بين أبي بكر وعمر وادخر عليا لنفسه وخصه بذلك فيا لها من معجزة وفضيلة، وقد روي أن معاوية قال لضرار الصدائي: صف لي عليا، قال: أعفني، قال: لتصفنه، فقال: إذ لا بد من وصفه فقد كان والله بعيد المدى، شديد القوى،