____________________
ثم أول الهجر بغلبة الوجع، إصلاحا لفاسد شيخه، وهيهات وأنى له ذلك؟ وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر! فإن غلبة الوجع على تقدير إرادتها لا توجب الإعراض عنه وعدم الالتفات بشأنه وكلامه، كما صنع الخليفة وولى مدبرا عنه، وقال ما قال، فإن القول المذكور إن لم يوجب ازدياد الوجع فيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن رحمة له (صلى الله عليه وآله وسلم) قطعا مع بقاء الشعور فيه، ولو أراد المتأول الغلبة السالبة للشعور كان قول الخليفة حينئذ مساوقا لمعنى الهجر من غير تفاوت أصلا. ويشهد لإرادة الخليفة ذلك وقوع الاختلاف بين الحضار وارتفاع الأصوات بينهم، وغلبة الغضب على كثير منهم من نسبة ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم بين موافق لقول الخليفة وموافق لطلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن تضجر منهم وأبعدهم عن مجلسه، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" قوموا عني، فإنه لا ينبغي الاختلاف عندي " (1). ثم كيف لم يقل الخليفة بمثل ذلك في صاحبه الخليفة الأول حين ما استخلفه عن نفسه في وصيته في آخر رمق حياته، مع شكه في عدل المنصوب وجوره بما نصه: إني استخلفت عمر، فإن عدل فذاك ظني به ورأيي فيه، وإن بدل وجار فلكل امرئ ما اكتسب (2).
وفي ذلك قيل:
أوصى النبي فقال القوم قائلهم * قد ظل يهجر هذرا سيد البشر ولم يقولوا أبا بكر لقد هجرا * عند الوصية إذ أوصى إلى عمر وأما قوله: حسبنا كتاب الله، فقد أجاب عنه بعض أتباعه، وهو العارف الشيرازي الشافعي في بعض كتبه الفارسية ما تعريبه، إن قول الخليفة ذلك لهو أشبه شيء بقول المريض لو قال: لا حاجة لي إلى الطبيب، مع وجود كتب الطب، وأن ذلك خطأ واضح، فإنه لا يفهم تلك الكتب إلا الخبرة من أهل الفن، وأنها لا تغني
" قوموا عني، فإنه لا ينبغي الاختلاف عندي " (1). ثم كيف لم يقل الخليفة بمثل ذلك في صاحبه الخليفة الأول حين ما استخلفه عن نفسه في وصيته في آخر رمق حياته، مع شكه في عدل المنصوب وجوره بما نصه: إني استخلفت عمر، فإن عدل فذاك ظني به ورأيي فيه، وإن بدل وجار فلكل امرئ ما اكتسب (2).
وفي ذلك قيل:
أوصى النبي فقال القوم قائلهم * قد ظل يهجر هذرا سيد البشر ولم يقولوا أبا بكر لقد هجرا * عند الوصية إذ أوصى إلى عمر وأما قوله: حسبنا كتاب الله، فقد أجاب عنه بعض أتباعه، وهو العارف الشيرازي الشافعي في بعض كتبه الفارسية ما تعريبه، إن قول الخليفة ذلك لهو أشبه شيء بقول المريض لو قال: لا حاجة لي إلى الطبيب، مع وجود كتب الطب، وأن ذلك خطأ واضح، فإنه لا يفهم تلك الكتب إلا الخبرة من أهل الفن، وأنها لا تغني