نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٣٦٥
وهو الذي سرى إلى الأقصى على * متن البراق طاوي السبع العلا سبحان من أسرى به فأدنى * لقاب قوسين دنا أو أدنى أراه من آياته فأخفى * عن غيره تفضلا ولطفا
____________________
«وهو الذي سرى إلى» المسجد «الأقصى» راكبا «على» ناقة الجنة و «متن البراق، طاوي السبع العلا» من السماوات. وعرج إليها كالبرق الخاطف فكأنها طويت له. وألصق بعضها ببعض على ما بها من السمك وما بينها من المسافة والبعد.
وليس ذلك على الله بعزيز وهو القائل سبحانه: ﴿يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب﴾ (١).
فجل جلال من رفعه إلى أقصى مقام القرب منه تعالى، و «سبحان من أسرى به» إلى الملأ الأعلى «فأدنى» حبيبه بشخصه المقدس، وقربه إلى مقام العظمة والجلال، حتى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «لقاب قوسين دنا» واقترب «أو» كان «أدنى» من ذلك.
ثم «أراه من آياته» ما لم يخبر به أحدا من خليقته «فأخفى» ما جرى بينه وبين حبيبه هناك «عن غيره» من الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين (عليهم السلام)، كما قال تعالى فيه: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ (٢) تفخيما لشأنه، وتعظيما لمقامه، وإيماء بأن ذلك كله أسرار لا يحتملها غيره، و «تفضلا» عليه «ولطفا» به، هذا.
مع ما ميزه في كتابه الكريم على سائر أنبيائه العظام (عليهم السلام) في مقام التخاطب فخصه بالخطاب بصفاته وألقابه دون التصريح باسمه الشريف، كل ذلك تعظيما له (صلى الله عليه وآله) فقال تعالى: ﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك... الخ﴾ (٣) ﴿يا أيها الرسول بلغ﴾ (٤) ﴿يا أيها المزمل﴾ (٥) ﴿يا أيها المدثر﴾ (٦) ﴿طه﴾ (٧) ﴿حم﴾ (٨) ﴿يس﴾ (9) وأمثالها.
وذلك بخلاف أولئك الأنبياء الكرام على علو شؤونهم ورفعة مقاماتهم، فترى

(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست