نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٣٤٢
فبان حد العجز والعياء * من فصحاء العرب العرباء والكل بامتناعه أقروا * فقيل معجز وقيل سحر
____________________
ومن ذلك ما أنشأه أعاظم فصحائهم ووجوه بلغائهم لدفع ما كثر بين عشائرهم من القتل والاغتيال بعدما اجتمع أكابرهم في مجالس كثيرة يتشاورون في ذلك، حتى اتفقت كلمتهم على جعل قانون القصاص وإنشاء عبارة بليغة في ذلك إلى أن اختاروا ما رأوه أبلغ من كل ما أنشئ في ذلك وهو قول بعضهم: " القتل أنفى من القتل " فكتبوه بأجود ما يكون، وعلقوه على الكعبة المكرمة؛ افتخارا به، ومباهاة ببلاغته.
إلى أن بلغهم قوله تعالى: ﴿ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب﴾ (1) إلى آخره فطارت عقولهم، وحارت أفكارهم بهتا وعجبا. ثم مضوا في سواد الليل إلى الكعبة وخطفوا ما كانوا علقوه عليها في ذلك؛ حذرا من لوم أقوامهم.
وبذلك وأمثاله من وقائعهم (2) أذعنوا بقصورهم عن المعارضة «فبان حد العجز والعياء» وهو التعب «من فصحاء العرب العرباء» وهم المتبعون لغة يعرب ابن قحطان، وهي أفصح لغة في العرب، والتابعون لها أسبق من العرب المستعربة المتبعين لغة إسماعيل بن الخليل إبراهيم (عليه السلام).
«والكل» أذعنوا بعدم إمكان إنشاء ما يعارض القرآن الكريم و «بامتناعه

(١) البقرة: ١٧٩.
(٢) فإنهم بعد غليانهم في أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انتخبوا أربعة من وجوه فصائحهم وسألوهم أن يتكفل كل منهم بمعارضة ربع القرآن وأمهلوهم في ذلك سنة كاملة وذلك بعد مواعيدهم لهم على ذلك بأموال جزيلة وهدايا ثمينة ولما انتهى الأجل واجتمعت عليهم القبائل يطالبوهم بذلك في مسجد الحرام نهض أحدهم واعتذر عن المعارضة بسماع قوله تعالى: (وقيل يا أرض ابلعي مائك... إلخ) وخرج من بينهم ثم قام ثانيهم وتبع صاحبه في الاعتذار بسماع قوله جل وعلا: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) ثم نهض ثالثهم واعتذر عن ذلك أيضا بسماع قوله سبحانه: (فلما استيئسوا منهم خلصوا نجيا... إلخ) ثم تبعهم رابعهم واعتذر عن ذلك بسماع قوله عز وجل: (وأوحينا إلى أم موسى... إلخ).
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست