لم يقل لهم في المرة الأولى شيئا.
فحياته كانت وعلى الدوام حياة بسيطة خالية من المظاهر وتمتاز بالزهد والقناعة الظاهرية والواقعية. وكلما أصر عليه البعض أن يرفه عيشه، كان يقول: لم يبق من عمري شيء، ولا أستطيع أن أجيب إذا سئلت عنها يوم القيامة.
ويعلم الله أنه وإلى آخر أيام حياته لم يترك تلك السجية، وكان يقنع بأقل الضروريات، حتى أنه لم يخلف مالا لورثته، وما كان عنده من النقود النزر اليسير تم خرجه في معالجته.
أسباب هجرته إلى لبنان:
إن السيد العلامة بعد سعيه المتظافر في طلب العلوم الدينية، ونيله درجة الاجتهاد بشهادة علماء ذلك الزمان وإقرارهم بمكانته العلمية المرموقة سافر إلى الشام.
وكان سبب ذلك أنه مات له ثلاثة أولاد ممن جاؤوا بعد ولده الأكبر السيد محمد، وكان حال ولده الأكبر - يعني السيد محمد - ينذر بالخطر، مما حدا به أن يعزم على السفر إلى الشام من أجل علاجه ومداواته. وبعد التشاور مع الآخرين والاستخارة سافر إلى سورية.
فأقام هناك عند السيد محسن الأمين صاحب كتاب أعيان الشيعة، وبطلب من السيد الأمين وأهالي جنوب لبنان انتقل إلى صيدا، ورقى فيها المنبر، وخطب فيها خطبة غراء، مجانبا فيها التعصب، وذلك في وسط المدينة، مما أثار إعجاب الناس، فطلبوا منه المقام عندهم، ولكنه لم ينزل عند طلبهم ورغبتهم.
غير أنهم كتبوا كتابا وأرسلوه إلى مراجع النجف آنذاك، كالمرحوم السيد أبو الحسن الإصفهاني، والمرحوم الميرزا النائيني، استمدوا منهم العون في إقناع السيد العلامة في البقاء.
ولذا طلب منه علماء النجف على أثر ذلك المقام في تلك البقعة، وتوطن ذلك الصقع، وتلك الديار.
فحط السيد رحاله، وسكن في غازية - إحدى ضواحي مدينة صيدا - وباشر