(آمن وعمل) يدل على أن الإيمان والعمل الصالح لا يوجب الاهتداء والخروج عن الضلالة، بل الخروج عنها والاهتداء إلى الحق يحتاج إلى أمر آخر، لأن كلمة " ثم " تدل على أن ما بعده مترتب على ما قبله بتراخ، فلو كان الإيمان والعمل الصالح كافيا في الاهتداء والخروج عن الضلالة لم يكن مجال للعطف بكلمة " ثم "، ولا ضلالة بعد الإيمان والعمل الصالح على طريقة أهل السنة، لأن الخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندهم من فروع الدين، ولذا تتحقق عندهم بالبيعة، فعدم الخروج عن الضلالة بالإيمان والعمل الصالح إنما يتم على طريقة الشيعة الإمامية من أن معرفة الإمام والخليفة من أصول الدين، ولا تثبت الخلافة والإمامة إلا بالنص من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقد ورد من الطريقين: " أن من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة الجاهلية). (1) وأما المفسرون بالرأي فقد فسروا الاهتداء مرة بلزوم الإيمان واستمراره إلى موته، وأخرى بأن لا يشك في إيمانه، وتارة بأن كان عاملا بالسنة وتاركا للبدعة.
وقد ذكر في مجمع البيان كلا من هذه الوجوه، ونسب كلا منها إلى قائل. (2)