والرابع، والخامس: أنه إمام ورحمة.
توضيح الأمر: إن من الآثار المترتبة على الشهادة برسالته صلى الله عليه وآله وسلم إسلام الشاهد، وهو مترتب عليها في جميع الموارد، سواء كان الشاهد معصوما أم لا.
ومنها: ثبوت الرسالة بها، وهو إنما يترتب عليها إذا كان الشاهد عالما معصوما من الخطأ والزلل عمدا وسهوا وجهلا.
والغرض من المقام إنما هو الثاني لا الأول، ضرورة أنه عز وجل في مقام إثبات رسالة رسوله بالحجج القاطعة التي لا ينبغي الارتياب فيها ممن له حظ من مراتب التعقل، فلو لم يكن هذا الشاهد الذي ذكره تعالى معصوما من الجهل والزلل عمدا وسهوا لم يكن لذكره في هذا المقام، وجعل شهادته في مقابل بينة الرب تعالى مقدمة على شهادة كتاب موسى مجال.
وبالجملة: ما بيناه في كمال الوضوح ونهاية الظهور ولذا لم يتجاوز المفسرون في تفسيرهم إلى من لم يكن معصوما مع اضطراب كلماتهم وكثرة اختلافهم فيه كما رأيت.
فتبين بما بيناه أن كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ألقابه الشريفة الدالة على عصمته وطهارته، بل تقديم شهادته على شهادة كتاب موسى في الذكر يدل على تقدمها عليها رتبة المستلزم لتقدمه على موسى الكليم في الرتبة، لما عرفت من أن علم كل نبي طبق ما حواه كتابه، فدرجته أيضا طبق درجة كتابه، فالمقدم على الكتاب في الرتبة مقدم على صاحبه كذلك.
هذا كله بالنسبة إلى كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على رسالته.
وأما كونه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمنقبة أخرى قد كشف عنها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ما رواه الفريقان، أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: