العهد المسؤول إلى عهد الخلافة والإمامة، فالدلالة واضحة ظاهرة.
فإن قلت: لا مجال لأخذ الود بمعنى الولاية والإمامة، إذ لا تكون معنى حقيقيا له، كما هو ظاهر، ولا معنى مجازيا له، لعدم العلاقة المصححة للاستعمال بين المعنيين.
قلت: الحب الثابت الصادق بالنسبة إلى شخص يستلزم الموافقة معه، وعدم التخلف عنه، كما أنه بالنسبة إلى فعل، إتيانه وإيجاده، فيكنى الود بالنسبة إلى الشخص حينئذ عن الموافقة معه، والاقتداء والائتمام به، كما أنه يكنى بالنسبة إلى الفعل عن إتيانه، كما كنى عن حب شيوع الفاحشة، في قوله تعالى: " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا " (1) عن الغيبة، وحيث إن صدق المحبة ملازم لظهور أثرها في الخارج، ويصح سلبها عمن لم يظهر عليه أثرها في الخارج، يجوز أن يراد منها أثرها كناية، فإرادة الولاية والإمامة من الود حينئذ على سبيل الحقيقة، وغاية الأمر أنه على سبيل الكناية.
وإن قلنا بأن المراد من الجعل التشريعي من الود مطلق المحبة، والمودة، فالدلالة ثابتة.
بيانه: إنه لا شبهة في أن مولانا أمير المؤمنين كان مدعيا للخلافة والإمامة، ولم ير غيره من الأمة أهلا لها، وامتنع عن البيعة مع أبي بكر، واحتج عليه، وعلى غيره من الأصحاب، واستنصر منهم لأخذ حقه من أبي بكر، ولم يبايع عليه السلام معه اختيارا، وهو كالشمس في رابعة النهار، لا ينكره إلا معاند جاحد، فمقتضى وده عليه السلام الذي جعله الله له تصديقه