توضيح ذلك: أن المنظور من المشبه به بيان سبب الإنارة والإضاءة لمن استضاء به، لاستنارة المشكاة بالمصباح، سواء أريد من المشكاة الكوة أو القنديل، أو العمود الذي فيه الفتيلة، كما هو ظاهر.
والحاصل أن المشكاة من توابع المضئ الذي يستضئ به الناس، لا أن حيثيتها الاستضاءة بالمصباح، فلا مجال لتشبيه الإيمان في قلب المؤمن، أو طاعة الله في قلبه بمشكاة فيها مصباح، لأن قلب المؤمن إنما يستنير بالإيمان والطاعة، لا أنه يصير سببا لاستنارة غيره به.
وأما ما عن أبي من أنه كان يقرأ مثل نور. من آمن به " (1) فلا ينافي ما بيناه، لأن خليفة الله في خلقه نور الله باعتبار أنه منصوب من قبله، هاديا للخلق، ونور المؤمنين بواسطة أنهم يهتدون به، فتصح إضافته إليه تعالى، وإلى المؤمنين بالاعتبارين.
وبما بيناه تبين أن تفسير " مثل نوره " بالقرآن في القلب (2) في غير محله أيضا، مع أنه لا ينطبق عليه قوله تعالى: " يوقد من شجرة مباركة زيتونة "، لأن الموقد من شجرة الخليل عليه السلام إنما هو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة المعصومين من ذريته سلام الله عليهم أجمعين، لا القرآن بل لا يناسبه قوله تعالى: " يهدي الله لنوره من يشاء " لأن التعبير باللام إنما يلائم إذا كان الاهتداء إليه مقصودا، كخليفة الله تعالى في عباده، حيث اعتبر ولايته والاهتداء إلى معرفته في الإيمان. وأما القرآن فليس له هذا الشأن وإنما هو سبب للهداية فقط، فالتعبير المناسب له: " يهدي الله بنوره من يشاء ".