أمرا حسيا مدركا بذاته، وإما من جهة كون المشبه به أقوى من المشبه مع تساويهما في أنهما مدركان حسا، أو معنى، والأمر في المقام بالعكس، لأن ضوء الشمس والقمر والنجوم مع كونه حسيا أقوى من نور المصباح في المشكاة، فيكون أظهر.
والثالث: قوله تعالى: " يهدي الله لنوره من يشاء " إذ الهداية إلى الأنوار الحسية كضوء الشمس والقمر والنجوم يشترك فيها جميع الخلق ممن هداه الله ولم يهده، وإنما الذي يختص به من يشاء هو الاهتداء إلى نور الله في أرضه وسمائه، وحجته على عباده، وخليفته في خلقه.
والرابع: قوله تعالى: " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " (1) إلى آخر الآية، لأنه متعلق بقوله تعالى: " مثل نوره " يعني أن هذا النور الذي: " كمشكاة فيها مصباح " إلى آخر الآية كائن في بيوت موصوفة بالأوصاف المذكورة، ومن المعلوم أن ضوء الشمس والقمر والنجوم لا تعلق لها بالبيوت الموصوفة بالأوصاف المذكورة سواء أريد من البيوت المساجد، كما زعمه بعض المفسرين، (2) أو بيوت الأنبياء سلام الله عليهم، كما دلت عليه روايات الفريقين، فما عن الحسن، وأبي العالية، والضحاك من أن معنى " الله نور السماوات والأرض " الله منور السماوات والأرض، والشمس والقمر والنجوم (3) غلط، لا يلائم ما بعده بوجه، مع أن ضوء الشمس والقمر والنجوم لا يظهر إلا في الأرض وما جاورها من الهواء الواصل إليه أثر الانعكاس من الأرض.