ومن جملة ما ذكره عن طريقهم: ما عن محمد بن جرير برجاله في كتاب المناقب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: أخرج فناد: ألا من ظلم أجيرا أجرته فعليه لعنة الله، ألا ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا ومن سب أبويه فعليه لعنة الله، فنادى بذلك فدخل عمر وجماعة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقالوا: هل من تفسير لما نادى، قال: نعم إن الله يقول: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فمن ظلمنا فعليه لعنة الله، ويقول: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ومن كنت مولاه فعلي مولاه، فمن والى غيره وغير ذريته فعليه لعنة الله، وأشهدكم أنا وعلي أبوا المؤمنين، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله، فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما أكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بغدير خم ولا غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا، قال حسان بن الأرت: كان ذلك قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتسعة عشر يوما. (1) أقول: جعل المودة في القربى أجر الرسالة يدل على أمرين:
الأول: وجوب مودة القربى من حيث كونه أجرا للرسالة، ضرورة أنه لا يعقل ثبوت الأجر عليهم مع عدم وجوب الوفاء به، ولغاية وضوحه وظهوره، قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ بل يدل على أنه من أجل الواجبات الدينية وأكملها، لأن أمر الرسالة من أعظم أمور الدين وأقواها، إذ لا أمر بعد التوحيد أجل وأنبل من الرسالة، وأجر الشئ ما يعادله ويوازنه، فأجرها ما يساويها ويوازنها في الجلالة والنبالة.
والثاني: أنهم أفضل وأحب عند الله تعالى من جميع الأمة، حيث أوجب على جميعهم مودة القربى، وجعلها أجر رسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بحيث