وأما الثاني: فلاستحالة قيام الجدة به تعالى شأنه، فإنه منزه عن أن يكون محلا للحوادث.
وأما الثالث: فلعدم اختصاصه بالفئ، فإن لله تعالى ملك السماوات والأرض، فتعين الرابع.
فإن قلت: ما معنى رجوع الفئ إليه تعالى شأنه بعنوان حق السلطنة والولاية، مع ثبوت ولايته تعالى على جميع الأشياء.
قلت: حق الولاية على نحوين: تكويني وتشريعي.
والأول مجامع مع الحرية، والرقية، والملكية، وعدمها، ولا يتصور فيه تحديد.
وأما الثاني فهو محدود بتحديد الشارع، ولا يجامع مع كونه ملكا للغير.
واختصاص الفئ به تعالى شأنه إنما هو على الوجه الثاني، يعني أنه منقطع عنه ربط ملكية المخلوق، فيختص به تعالى شأنه، وليس لأحد من المسلمين التصرف فيه بوجه من الوجوه.
وإذا اتضح لك أن رجوع الفئ إليه تعالى شأنه لا يكون إلا من باب حق الإمارة والسلطنة، اتضح لك أن رجوعه إلى الرسول وذي القربى من هذا الباب أيضا، لأن العطف يقتضي مشاركة المعطوف مع المعطوف عليه في الحكم، ويؤكد هذا المعنى، ويبينه أنه تعالى شأنه عطف الرسول، وذي القربى، على نفسه، وأعاد اللام في كل منهما، مع عدم وجوب إعادة الجار في العطف على الظاهر، وعطف اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وترك اللام تصريحا بأن رجوع الفئ إلى الرسول وذي القربى، طبق رجوعه إلى نفسه، من دون اختلاف في كيفية الرجوع، وأن الاختلاف في الكيفية