وسعيرها ولا لأهليهما بعد دخولهما ولا انتقال عنهما بدليل قوله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها وقوله تعالى والذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها وغيرهما من الآيات الدالة على الخلود والتأبيد وقوله عليه السلام في الخبر المشهور نادى مناد بين الجنة والنار يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت إلى غير ذلك والظاهر أن معنى الخلود البقاء المستمر فلا وجه للعدول عنه قال العلامة رحمه الله في شرح العقائد عند قوله باقيتان لا يفنيان ولا يفنى أهلهما أي دائمتان لا يطرأ عليهما عدم مستمر لقوله تعالى في حق الفريقين خالدين فيها أبدا وأما ما قيل من أنهما يهلكان ولو لحظة لقوله تعالى كل شئ هالك إلا وجهه فلا ينافي البقاء بهذا المعنى على أنك قد عرفت أنه لا دلالة في الآية على الفناء. وذهبت الجهمية إلى أنهما يفنيان ويفنى أهلهما وهو قول باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع ليس عليه شبهة فضلا عن حجة انتهى فتأمل والجهمية هم أصحاب جهم بن صفوان وهو من الجبرية وهم قائلون بأنا إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار واستوفى كل منهما بقدر أعمالهم من التنعم والعقاب يفني الله الجنة والنار وأهلهما، احتجوا بقوله تعالى هو الأول والآخر وبأن للقوة الجسمانية عدة ومدة فلا بد من فنائهما وبأن الإحراق يفني الرطوبة والبينة وهما شرط الحياة فبقاء الحياة معه خروج عن العقل والجواب عن الأول بأنا نمنع تناهي قوة الحياة الجسمانية بعد إخباره تعالى بخلودهما بالنصوص القطعية ومن قدر على إنشائها وتصويرها من العدم وعلى جمعها وإحيائها ثانيا قادر على حفظها دائما أبدا وعن الثاني بأن الحياة يخلقها الله تعالى بلا اشتراط الرطوبة كما في السمندر فإنه حيوان مأواه النار لا يتأذى بها ومعلوم أنه لا رطوبة فيه ولو سلم فجسمانية الجهنمي تفنى وتجده كما قال تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوق العذاب فيكون المنع العدم المستمر كما قدمنا الإعراب الواو هنا يصح أن تكون عاطفة ويصح أن تكون حالية كما لا يخفى ولا نافية ويفنى مضارع يصح أن تكون بالياء أو بالتاء والجحيم فاعله والجنان عطف عليه ولو قدمنا الجنان لكان أحسن مع استقامة الوزن وقوله ولا أهلوهما يصح أن تكون لا بمعنى ليس وأهلوهما اسمها وأهل بالنصب خبرها مضاف إلى انتقال تنبيه ليس لأحد أن يشهد على نفسه أنه من أهل النار لأنه يصير قانطا قاطعا رجائه من رحمة الله تعالى فيكون مكذبا
(٤٠)